التصنيفات
الفئة 4

“بيان” ريادة الأعمال العربية: كفى تقليداً، حان وقت الابتكار الجذري

إلى رواد الأعمال، والمستثمرين، والحكومات في العالم العربي:

لقد نجحنا.

لقد نجحنا في بناء “نظام بيئي” (Ecosystem) لريادة الأعمال من العدم. في غضون خمسة عشر عاماً، انتقلنا من “صحراء” (لا استثمار، لا حاضنات، ولا ثقافة مخاطرة) إلى “واحة” مزدهرة. لدينا الآن “يونيكورنات” (شركات مليارية)، وصناديق استثمار جريء، وحاضنات أعمال في كل عاصمة عربية كبرى.

لقد نجحنا في “استيراد” نموذج “وادي السيليكون”. بنينا تطبيقات “التجارة الإلكترونية”، و”توصيل الطعام”، و”النقل التشاركي”.

لكننا الآن، وصلنا إلى “السقف”.

“الموجة الأولى” (2011-2025) كانت “موجة التقليد والمحاكاة” (The Copy-Paste Wave). كانت ضرورية لبناء البنية التحتية والثقافة.

لكن “الموجة الثانية” (2025 وما بعدها) لا يمكن أن تكون كذلك. إن الاستمرار في “تقليد” النماذج الغربية هو “سباق نحو القاع”. إنه سباق يعتمد على “من يحرق أموالاً” أكثر في التسويق، وليس “من يبتكر” حلاً أفضل.

لتحفيز ريادة الأعمال العربية الحقيقية، نحن لا نحتاج “المزيد” مما لدينا. نحن بحاجة إلى “نموذج” جديد تماماً.

هذا “بيان” بأربع أفكار جذرية للموجة القادمة:


1. توقفوا عن تمويل “التطبيقات”، وابدأوا بتمويل “التكنولوجيا العميقة” (Deep Tech)

المشكلة: “أبطال” النظام البيئي لدينا هم “مديرو تسويق”. شركاتنا المليارية هي “تطبيقات خدمات” (B2C Apps) تتنافس بالميزانيات الإعلانية. هذا “نمو” هش يفتقر إلى “الخنادق الدفاعية” (Moats) العميقة.

الفكرة الجديدة: تحويل استراتيجي (بقيادة الصناديق السيادية ورأس المال الجريء) لتمويل “المشاكل الصعبة”. يجب أن ننتقل من “الاستثمار في التسويق” إلى “الاستثمار في البحث والتطوير”.

ماذا نمول؟

  • بدلاً من “تطبيق توصيل” آخر، نحتاج إلى شركة “تكنولوجيا زراعية” (AgriTech) تحل مشكلة “الزراعة الصحراوية” بكفاءة مياه 99%.
  • بدلاً من “منصة تجارة إلكترونية” أخرى، نحتاج إلى شركة “تكنولوجيا حيوية” (Biotech) تطور حلولاً للأمراض السائدة في منطقتنا.
  • نحتاج إلى شركات “تكنولوجيا مياه” (WaterTech) و”مواد جديدة” (New Materials).

الهدف: تغيير “البطل” في قصتنا، من “خبير التسويق” إلى “العالم” و”المهندس”.


2. احتفوا “بالجمل” (The Camel)، وليس “باليونيكورن” (The Unicorn) فقط

المشكلة: نحن مهووسون بـ “اليونيكورن” – الشركة التي تنمو بسرعة عبر “حرق” مئات الملايين من الدولارات، بهدف “البيع” السريع. هذا نموذج “وادي السيليكون” المصمم لبيئة “الفائدة الصفرية”.

الفكرة الجديدة: تبني نموذج “الجمل” (The Camel). “الجمل” هو الشركة الناشئة المصممة لبيئتنا “الصحراوية” (سوقنا الإقليمي).

  • ما هي صفات “الجمل”؟
    1. القدرة على التحمل (Resilience): مصمم للبقاء في “سنوات الجفاف” (شح التمويل).
    2. الربحية أولاً (Profitability-First): يركز على “التدفق النقدي” و”اقتصاديات الوحدة” السليمة منذ اليوم الأول.
    3. الرؤية طويلة الأمد: لا يُبنى لـ “يُباع” في 3 سنوات، بل يُبنى “ليدوم” و”يبني” قيمة حقيقية.

الهدف: تغيير “مقياس” النجاح. النجاح ليس “التقييم” الملياري، بل “الاستدامة” والربحية الحقيقية.


3. ابنوا “مراكز تخصصية” دقيقة، لا “حاضنات عامة”

المشكلة: لدينا “تضخم” في “الحاضنات” (Incubators) و”مساحات العمل المشتركة” التي تبدو جميعها متشابهة. كلها تقدم نفس “النصائح العامة” (كيفية إعداد خطة عمل، كيفية التسويق).

الفكرة الجديدة: بناء “مراكز تخصصية” (Specialized Hubs) تركز على “قطاع واحد” فقط، لخلق “كتلة حرجة” (Critical Mass) من الخبرة.

  • أمثلة:
    • مركز في “دبي” متخصص “فقط” في “لوجستيات التجارة العالمية” و”Fintech” المرتبطة بها.
    • مركز في “الرياض” متخصص “فقط” في “تكنولوجيا الألعاب والترفيه” (Gaming & Entertainment Tech).
    • مركز في “القاهرة” متخصص “فقط” في “تطوير المواهب التقنية” و”تصدير البرمجيات”.
    • مركز في “الإسكندرية” متخصص “فقط” في “تكنولوجيا اللوجستيات البحرية” (Maritime Tech).

الهدف: التوقف عن “تشتيت” الموارد. نريد “مراكز تميز” (Centers of Excellence) تكون الأفضل في العالم في “مجال واحد” دقيق.


4. أصلحوا “الأنبوب” المكسور بين “الجامعة” و”الشركة الناشئة”

المشكلة: جامعاتنا “مصانع” لإنتاج “الموظفين”. الأبحاث العلمية الرائعة (خاصة في الماجستير والدكتوراه) “تُدفن” في “الأوراق البحثية” على الأرفف.

الفكرة الجديدة: “إجبار” الأبحاث على التحول إلى “شركات”.

  • كيف؟
    1. إنشاء “صناديق استثمار جريء” داخل الجامعات الكبرى، مهمتها “فقط” هي تمويل تحويل الأبحاث إلى شركات (Spin-offs).
    2. تغيير “مقاييس” نجاح الأستاذ الجامعي: ليس فقط بـ “عدد الأبحاث المنشورة”، بل بـ “عدد براءات الاختراع المسجلة” و”الشركات الناشئة التي أسسها”.

الهدف: تحويل “المختبرات” (Labs) لتكون “المرحلة الأولى” الحقيقية في “النظام البيئي” لريادة الأعمال.


الخاتمة: الموجة القادمة

“الموجة الأولى” كانت ضرورية. “الموجة الثانية” هي التي ستحدد مكاننا على الخريطة العالمية. المستقبل ليس في بناء “أمازون” جديد، بل في بناء شركة تحل مشكلة “فريدة” في “تكنولوجيا المياه” أو “الزراعة الصحراوية”، تأتي “أمازون” بنفسها لتشتريها.

حان وقت “الابتكار الجذري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *